الأربعاء، 18 مايو 2011

صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية : أخطاء أمريكا وأسرار جثمان بن لادن

ألان ديرشويتز*/ صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية//ترجمة: شيماء نعمان
 " دفن جثته في البحر تدمير متعمد للأدلة ذات الصلة، وهو ما من شأنه بطبيعة الحال أن يُزكي الشكوك في أنه كان هناك شيئ من المراد إخفائه"- آلان ديرشويتز
مفكرة الاسلام: بينما تصر الولايات المتحدة على عدم إظهار الصور الفوتوغرافية التي التقطت لجثمان زعيم تنظيم القاعدة "أسامة بن لادن"، يرى بعض المحللين وخبراء القانون أن مبررات الإدارة الأمريكية واهية في هذا الشأن وأنها ارتكبت سلسلة من الأخطاء في التعامل مع جثته.
ويرى "ألان ديرشويتز"، المحلل السياسي وأستاذ القانون بجامعة هارفارد الأمريكية، أن هذا التصرف من قبل الإدارة الأمريكية وكذلك سرعة إجراء عملية الدفن يشير إلى أن هناك ما كانت ترغب واشنطن في إخفائه.
وفيما يلي نص مقال ديرشويتز الذي نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية:
إن قرار الرئيس الأمريكي حجب صور جثمان "أسامة بن لادن" هو آخر خطأ في مسلسل الأخطاء الجسيمة في التعامل مع جثة بن لادن. فبالرغم من أنه يجب ألا يكون هناك أي شك في أن بن لادن قد مات فعلا، فإن هناك شكوك خطيرة فيما يتعلق بالملابسات المحيطة بوفاته. هل أطلقت النيران عليه بدم بارد؟ هل أطلقت من الخلف أم من الأمام؟ هل رفع يديه في استسلام؟ أم قاوم بضراوة؟
وكان يمكن للكثير من هذه الشكوك أن تزول إذا ما كان قد تم إخضاع جثمان بن لادن لتقنيات الفحص المعتادة التي تستخدم بصورة روتينية في حالات القتل. حيث كان ينبغي أن تخضع جثته للتشريح، وكذلك لاختبارات الطب الشرعي على يد طبيب شرعي محنك، ولعملية تصوير فوتوغرافي موسعة للجروح العميقة والسطحية، واختبار البرافين لتتبع آثار بارود الطلقات، إلى غير ذلك من اختبارات الطب الشرعي.
وقد مثل دفن جثته في البحر تدمير متعمد للأدلة ذات الصلة، وهو ما من شأنه بطبيعة الحال أن يُزكي الشكوك في أنه كان هناك شيئ من المراد إخفائه. بالنسبة لي لدي ثقة كاملة في إيضاح الإدارة أن السبب في الدفن السريع بالبحر كانت الرغبة في عدم الإساءة للمسلمين المتدينين وعدم تشييد ضريح لقاتل ميت. إلا أن الكثير من العقلاء حول العالم سوف يتساءلون عما إذا كان القرار قد تم بنائه على أساس رغبة في طمس الحقيقة بأكملها أم لا.
إنني على مدار ما يقرب من نصف قرن من تمثيلي لمتهمين وجهت إليهم تهمة القتل، توصلت إلى أن أفضل الأدلة على كيفية موت شخص ما هو ما يظهره جسد المتوفي. فجثث الموتى غالبًا ما تتحدث بصوت أعلى وأوضح وأقل غموضًا عن الشهود الأحياء. وقد كان ينبغي حفظ جسد بن لادن طالما كان ذلك ضروريًا لجمع كافة الأدلة ذات الصلة، ومن جهة ثانية متطلبات قانون الشريعة الإسلامية.
وفي الولايات المتحدة عندما يكون مسلم أو يهودي ضحية لجريمة قتل، فإن الاعتبارات الدينية لا تؤثر على المتطلبات المدنية. حيث يتم عمومًا إرسال جثثهم إلى الطبيب الشرعي من أجل إجراء فحص شامل. كما أنه على الرغم من المحظورات الدينية، يتم إجراء عمليات التشريح وإخراج الأعضاء للفحص. ولذلك ما كان ينبغي عمل أي استثناء بالنسبة لجثة بن لادن.
إن قرار الرئيس طمس الدليل الفوتوغرافي المتبقي هو أمر مقلق على عدة مستويات. أولاً، أنه خاطيء من الناحية الموضوعية. فالجمهور معتاد على رؤية الصور البصرية لجثث الموتى على شاشات التلفزيون وفي الأفلام. وأي شخص قد عمل كمحلف أو كمراقب في قاعة المحكمة في قضية قتل قد شاهد جثثًا ممزقة بالرصاصات أو مثخنة بالطعنات. ونحن ناضجين بما يكفي لنحتمل مشاهدة مل تلك الأدلة البصرية إذا ما اخترنا ذلك. كما أنه ليس هناك أي خطر حقيقي من أن هذه الصور الفوتوغرافية سوف تؤجج مشاعر المسلمين والعرب أكثر مما فعلت من قبل صور "صدام حسين".
إن الديموقراطيات يتعين فيها أن يتم حسم الشكوك دائمًا لصالح الإفشاء؛ وخاصة في المسائل التي تحظى بهذا الاهتمام والجدل الجماهيري الكبير. وبالتأكيد يملك الكونجرس على الأقل نفس الصلاحية ليقرر ما ينبغي فعله مع الصور الفوتوغرافية. علاوة على ذلك، فإن الصحافة ربما لديها الحق في الحصول على هذه الأدلة ذات الصلة الوثيقة ونشرها كجزء من مهمتها في توعية الجمهور. وستتحدى، بالتأكيد، بعض وسائل الإعلام قرار الرئيس - - وإذا ما فعلوا فإنني آمل أن ينتصروا.
وقد علّمنا رئيس المحكمة العليا "لويس برانديز" منذ نحو قرن من الزمان أن "ضوء الشمس هو أفضل مضاد للميكروبات". ولذلك فالأدلة المتبقية المتعلقة بكيفية مقتل بن لادن- والتي تتضمن الصور الفوتوغرافية ونتائج أية اختبارات للطب الشرعي تم إجراؤها في عجالة- ينبغي أن يتم الكشف عنها أمام ضوء شمس الإعلان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق